ثورتى ضد القيود

الثورة هى ان تكتشف فى كل يوم جديد ان حياتك تحتاج الى التغيير

الخميس، فبراير ٠٨، ٢٠٠٧

طاهر بن جلون و ثورته الخاصة

اتذكر ذلك اليوم الذى اخبرنى به محمد عن صديقه اليسارى الذى لا يصارح احدا باشتراكيته خوفا من ملاحقات البرجوازيين الذين يحيطون به من كل جانب ، و امتدت مناقشات محمد – و محمد دا يبقى خطيبى – مع زميله اليسارى السرى و فى يوم سألنى محمد هل تعرفين طاهر بن جلون سخرت منه و قلت له مين الاخ دا فقال لى ان صديقه حدثه عن ذلك الاديب الاتى من المغرب العربى و انه يتمتع بإسلوب ادبى فريد ... ووقتها عجبت اشد التعجب و لكنى حبذت ان يكون مخطئا فى اسم الطاهر وطار وان لا يوجد على وجه البسيطة كاتب لا اعرف حتى اسما له ربما ذلك بقايا غرور احاول ان اتخلص منه و ربما حتى لا ازعج نفسى بالبحث عن اعماله
و فى احد الايام قادتنى الصدفة البحتة الى اكثر روايات طاهر بن جلون اهمية والتى حصل بها على جائزة نوبل و هى ليلة القدر ... و لقد صدمنى فى الصفحات الاولى فقد مللت بشكل كبير فى بداية الرواية الى ان انسابت الرواية فى رقة شديدة و صدمتنى اكثر بكثير تلك الرقة ، ذكرنى بشدة بتلك الرحلة الاسطورية لـ الزا بطلة ابنة الحظ و هى تلك الرحلة التى - بعد ان كسرت كل قيود المجتمع بمنح جسدها لمن تحب – بدأتها بحثا عن حبيبها الذى ذهب ليفتش عن الذهب فى قارة اخرى بعيدا عنها باميال قطعتها و هو تتخفى فى شكل شاب يعمل كل الاعمال ليكسب قوت يومه و ليجد المأوى
لقد قام الطاهر بن جلون بمنتهى البراعة بكسر كل قيود المجتمع و بمهاجمته مباشرة حيث قدم والد لا ينجب الابناء يقرر ان يكون طفله القادم - ايا كان جنسه - ولدا و هكذا فأن بطلة الرواية تظل ولدا حتى قبل ان يتوفى والداها مباشرة يقرر تحريرها و تخييرها فى الجنس الذى سوف تكمل به حياته
عبر الكاتب بكل ما تملك من ادوات عن ذلك المجتمع الشرقى الذى يشوه البنات مدعيا الحفاظ على عفتهن و كما اباحت ايزابيل الليندى ذلك التخفى بحثا عن الحب فإن بن جلون قد حرم تلك العبودية و الاغلال التى قد عاشت بها بطلة الرواية رجلا
و لكن اكثر ما قد ابهرنى فى تلك الرواية هو ذلك المزج الرائع بين الصور و التخيلات الذى يصنع منها واقعا جديدا له مذاق مختلف
ان الطاهر بن جلون قد قدم ثورته على ذلك المجتمع الذى لا يقدر سوى الرجال و الذى يدفع بنا دائما الى حافة الجنون . ان رحلة بطلة الرواية بداية من استسلامها لاحضان شخص غريب نهاية بقصة حبها المبتورة انما هى ليست اكثر من ثورة على ذلك المجتمع الشرقى الذى يحتاج الى العديد من ثورات التحرير
و نهاية لا استطيع الا ان اقدم اعتذارى لمحمد و شكرى الحار لصديقه اليسارى السرى الذى رشح لى بشكل غير مباشر كاتب عربى يكتب بالفرنسية اتى بما لم يأتى به الكثيرين من العرب الذين كتبوا بالعربية


1 Comments:

  • At ٢:٤٦ م, Blogger saadebaid said…

    الرجل المحطم هي الرواية الوحيدة التي فرأتها للطاهر بن جلون وهورائع في تناول الفساد والتكيف معه لكني لم اقرء بعد ليلة القدر

     

إرسال تعليق

<< Home