طاهر بن جلون و ثورته الخاصة

و فى احد الايام قادتنى الصدفة البحتة الى اكثر روايات طاهر بن جلون اهمية والتى حصل بها على جائزة نوبل و هى ليلة القدر ... و لقد صدمنى فى الصفحات الاولى فقد مللت بشكل كبير فى بداية الرواية الى ان انسابت الرواية فى رقة شديدة و صدمتنى اكثر بكثير تلك الرقة ، ذكرنى بشدة بتلك الرحلة الاسطورية لـ الزا بطلة ابنة الحظ و هى تلك الرحلة التى - بعد ان كسرت كل قيود المجتمع بمنح جسدها لمن تحب – بدأتها بحثا عن حبيبها الذى ذهب ليفتش عن الذهب فى قارة اخرى بعيدا عنها باميال قطعتها و هو تتخفى فى شكل شاب يعمل كل الاعمال ليكسب قوت يومه و ليجد المأوى
لقد قام الطاهر بن جلون بمنتهى البراعة بكسر كل قيود المجتمع و بمهاجمته مباشرة حيث قدم والد لا ينجب الابناء يقرر ان يكون طفله القادم - ايا كان جنسه - ولدا و هكذا فأن بطلة الرواية تظل ولدا حتى قبل ان يتوفى والداها مباشرة يقرر تحريرها و تخييرها فى الجنس الذى سوف تكمل به حياته
عبر الكاتب بكل ما تملك من ادوات عن ذلك المجتمع الشرقى الذى يشوه البنات مدعيا الحفاظ على عفتهن و كما اباحت ايزابيل الليندى ذلك التخفى بحثا عن الحب فإن بن جلون قد حرم تلك العبودية و الاغلال التى قد عاشت بها بطلة الرواية رجلا
و لكن اكثر ما قد ابهرنى فى تلك الرواية هو ذلك المزج الرائع بين الصور و التخيلات الذى يصنع منها واقعا جديدا له مذاق مختلف
ان الطاهر بن جلون قد قدم ثورته على ذلك المجتمع الذى لا يقدر سوى الرجال و الذى يدفع بنا دائما الى حافة الجنون . ان رحلة بطلة الرواية بداية من استسلامها لاحضان شخص غريب نهاية بقصة حبها المبتورة انما هى ليست اكثر من ثورة على ذلك المجتمع الشرقى الذى يحتاج الى العديد من ثورات التحرير
و نهاية لا استطيع الا ان اقدم اعتذارى لمحمد و شكرى الحار لصديقه اليسارى السرى الذى رشح لى بشكل غير مباشر كاتب عربى يكتب بالفرنسية اتى بما لم يأتى به الكثيرين من العرب الذين كتبوا بالعربية
1 Comments:
At ٢:٤٦ م,
saadebaid said…
الرجل المحطم هي الرواية الوحيدة التي فرأتها للطاهر بن جلون وهورائع في تناول الفساد والتكيف معه لكني لم اقرء بعد ليلة القدر
إرسال تعليق
<< Home