ثورتى ضد القيود

الثورة هى ان تكتشف فى كل يوم جديد ان حياتك تحتاج الى التغيير

الجمعة، أبريل ٢٧، ٢٠٠٧

point of view


im not half the girl i used to be

الثلاثاء، أبريل ١٧، ٢٠٠٧

إنتحار الروح


اعتقد ان كنت اتحدث عن الحزن فأن ما يجتاحنى الان هو اكثر من ذلك بكثير .. اشعر بخراب نفسى ..اشعر بالانعزال و التخلى حتى ممن كنت اتصور انهم سيكونون فى اول صفوف المعزين
لا اعرف حقا ما هو الاكثر صحة قرار الرحيل ام قرار العودة .. حينما قررت الرحيل كنت اعتقد ان ذلك افضل الخيارات و عندما صارحتهم بأنى قد تناولت كمية كبيرة من الزناكس كنت اعتقد ان ذلك هو اكثر الخيارات المرة حلاوة .. لا اعتقد ان هناك من يهتم .. لو كنت قد مت ما كان سار فى جنازتى سوى امى
اعتقد ان الانتحار هو اكثر لحظات الضعف الانسانى عقلانية
لماذا نصر على حياة لا تمنحنا سوى التعاسة المطلقة ..و التعب اليومى.. نمضغ مرارتها و نحن نحسب اننا نفعل الصواب ..انا لا اريد من ذلك العالم اكثر من ذلك ..ولا يوم واحد ..لماذا حقا قرروا ان يعيدوننى
لأقبع فى غرفة من غرف الاستقبال اتجرع ثلاث زجاجات من المحلول الملحى يدخل الى جسدى من خلال انبوب يمر من انفى موصلا الى معدتى ..ان تلك هى اكثر اللحظات رعبا
ان الرحيل يحوى بعض التعب حينما تشعر بتلك الحالة من انسحاب الروح .. تشعر بأن شخصا يطبق يديه على عنقك لتختنق .. و ان البرد يجتاح جسدك ... و نوع غير مألوف من الخدر يلفك ..
تشعر ان جسدك تلفه البرودة .. رغم انك حينما تلمس جبهتك تخبرك انك لا محالة حرارتك مرتفعة.. فتظل مثل باقى حياتك لا تفهم ما الذى يحدث لك .. هل جسدك ملكك .. ام انه احدى ادوات التعذيب فى ذلك الكون
اتذكر كل تلك الافرازات التى قد غطتنى .. كيف ادخلوا ذلك الانبوب الى جسدى .. كيف تعامل الجميع معى باعتبارى فاجرة .. اتذكر ايضا حينما تشاجرت مع طبيب الاستقبال .. حينما لم اشعر بـ تعاطف ولا مودة و لا حتى تفهم لحظة واحدة
حينما تقيأت على ملابسى من اثر الفحم
اتمنى ان انسى نهائيا كل تلك الحظات .. بل حتى اتمنى ان انسى الوقت الحالى .. انسى الان .. وان لا احيا غدا .. بالتأكيد فى المرة المقبلة سوف اكون اكثر حرصا على الا ينقذنى احد .. لن اقرر العودة .. ابدا
حينما ركبنا سيارتنا للتوجه للمستشفى سألتنى امى الحياة حلوة دلوقتى .. لم اجب عليها سوى بأن الحياة زفت ولا تزال انما اكثر ما يحزننى هو اننى لازلت ابحث فى حياتى عن سبب واحد للبقاء فلا اجد ترى لماذ اتمسك بها مرة اخرى
اتذكر فى ( فيرونيكا تقرران تموت ) حينما قام الطبيب المعالج لفيرونيكا بإيهامها بأن قلبها اصابه تلف لا يمكن علاجه سيؤدى لوفاتها بعد اسابيع و ذلك لكى يقوى احساسها بالحياة بعد ان جاءت الى المستشفى التى يعمل بها و هى منتحرة عادت فيرونيكا الى الحياة و لكننى لم اعد مجددا ...ابدا
حلمت بالامس بأننى فى احتفال كل من يحضره يرتدى السواد ..و قبلها بأننى اقف على طريق وحيدة و فى غاية العطش .. ترى هل ذلك هو ذكرى تلك الحالة المريعة من العطش التى اجتاحتنى فى طريقى الى المستشفى
اراد اهلى ان يجملوا حياتى لكى يصبح لدى خيارات نفسية افضل .. او حتى ان يتركونى لكى استمتع بفترة نقاهة .. فتم حبسى بالمنزل و منعى من التواصل مع ايا كان فتم مصادرة موبايلى و منعى من التحدث فى التليفون او حتى الرد عليه
اشعر اننى بالفعل فى نعم فترة النقاهة .. إلا إذا كان مفهومهم عن النقاهة هو ترسيخ الفكرة لدى مرة اخرى
حقا لا اعرف كيف سوف يمر ذلك الاسبوع من الحبس الانفرادى و اتمنى الا يمتد
اخشى حتى بعد ذلك الموضوع ان افاجئ بنوع جديد من تشديد العقوبة ..ربنا يستر .. و يريحنى
اتمنى ان اتعافى ان اعود للجامعة .. ان انقذ ما بقى من مستقبلى .. ان انسى جراحى نهائيا
التى تأكدت اننى لن انساها .. ابدا
علنى اخرج من من تلك الحالة التى تزيد عن انكسار الروح كما وصفه محمد المنسى قنديل و انما هو انتحار الروح
ملحوظة

ممنوع التعليق بعبارات على وتيرة الحياة حلوة او بكره احلى من النهاردا
ملحوظة تانية
لقد ترددت كثيرا فى نشر ذلك الموضوع لكن انا املك الجرأة الكافية حتى استطيع ان اناقش مثل ذلك الموضوع بمنتهى الانفتاح و التعقل احيانا ايضا

السبت، أبريل ٠٧، ٢٠٠٧

شكة كانيولا


اول تدوينة لمحمد ... اسفة على التأخير




بالرغم من سنوات دراستى الطويلة بكلية الطب و ماتلاها من فترة امتياز .. و ما ادراك ما الامتياز . . و بعد فترة
تدريب قد مررت بها بكل يمكن ان تتخيله من مواقف صعبة اختلطت بها ذكريات المشرحة و الجثث بذكرياتى عن المرضى و الامهم و معاناتهم ، و لكن رغم كل ذلك الطابع الذى لابد للطبيب ان يكتسبه من دراسته و تدريبه العملى من طابع منعزل شعوريا عن كل ما يراه .. او بالاصح ما يكتسبه ممارس الطب فى مصر من طابع لا انسانى .. يصبح هو مستنزف و بقايا انسان و كرد فعل يصبح بالتالى لا يتعامل مع البشر باعتبارهم بشر بل باعتبارهم مجرد حالات
و رغم انى ككل الاطباء اكتسبت ذلك السمت الا اننى لا استطيع ان انسى ذلك اليوم فى مستشفى منشية البكرى التى كنت اقضى بها فترة تكليفى .. فى ذلك اليوم اثناء تواجدى فى الاستقبال فوجئت بأحد العمال يهرع ليخبرنى بوقوع حادث كبير على بعد اقل من عشر دقائق من المستشفى... بالطبع تم استدعاء كل الاطباء الموجودين بالمستشفى و عند وصول سيارات الاسعاف اخذنا فى التعامل مع 30 مصاب باصابات مختلفة
كان حادث مروع لكن يبدو انه بالفعل يموت فى مصر من حوادث السير ما يقارب من اعداد العراقيين القتلى بعد الغزو الامريكى..و إن كان ذلك الحادث من النوع الذى تعرفه يوميا و انت تقرأ الجرائد فى الصباح و لا تعيره اى قدر من الاهتمام .. و يبدو انك بالطبع لست وحدك الذى لا يعير تلك الحوادث اى اهتمام
و لأنى كنت فى المستشفى اعمل بقسم العظام فلقد كان دورى ينحصر فى التعامل مع الحالات الباردة اى التى تم التأكد من خلوها من اى اصابات خطيرة جراحيا و التى لا توجد خطورة حقيقية على حياتها
و بالرغم من ذلك توجهت لاستقبال الجراحة مدفوعا بالبقية الباقية من شعورى بالام المرضى و التعاطف معهم و الخوف الشديد على حياتهم ... توجهت لكى اعرض مساعداتى .. و لقد افزعنى حقا ما قد رأيته.. حيث قد رأيت مولد و صاحبه غايب..حيث ان الاستقبال كانت تشيع به حالة من الفضوى و يعج بالمرضى و اهلهم و بالطبع الاطباء و التمريض ..و بالرغم من ذلك كان من المفروض ان المسئولية تقع بشكل اساسى على ثلاثة اطباء الطوارئ و مثلهم فى الجراحة العامة و لكن بالرغم من ذلك كان احد اطباء الجراحة فقط هو الوحيد القادر على تأدية عمله بكفاءة .. بينما كان الاخرين جميعهم فى مرحلة التعلم و التجريب فى المرضى .. و هكذا كان لابد من تدخلى بضميرى الصاحى ..اخمده الله .. و بالطبع كان الوضع مأساوى حيث ظهرت بوضوح قلة خبرة الاطباء الجدد و ذهولهم .. اما اطباء الجراحة العامة فقد كان تركيزهم على الحالات التى تبدو انها الاخطر..و بذلك شاع فى المكان حالة من الفضوى اللانهائية

حاولت ان انقل بعض حالات الكسور البسيطة لقسم العظام لكى افسح مكانا لحالات اخطر لأن استقبال المستشفى لا

يتحمل كل ذلك العدد بل و ذلك يفقد الاطباء تركيزهم على الحالات الاكثر اهمية
لكن بالرغم من ذلك فأن كل هذا لا يمكن ان يمنع وقوع الكارثة .. فلقد كان الاطباء يهرعون للحالات التى يشتد صراخها او الحالة المصابة فى مكان ظاهر او حتى التى تغطى بالدماء..بالرغم انه من الاساسيات انه ليس بالضرورة هؤلاء هم الحالات الاكثر خطورة..و بذلك فلقد تعامل الاطباء برد فعل غريزى و يبدو ان ذلك بالطبع راجع الى عدم الخبرة
و هكذا فقد لفت انتباهى امرأة ضخمة تتمدد على تروللى و لا تتألم او تصرخ و ليس بها اى اصابات ظاهرة و بالتالى كان لزاما عليها الانتظار حتى يشعر بوجودها احد
و لكنى عندما اقتربت منها قالت انها لا يمكنها التنفس و فورا طلبت من احدى العاملات ان نأخذها الى غرفة الاشعة و لكن العاملة تلكأت كثيرا فى ذلك .. بل و تركتها فى منتصف تلك العملية التافهة لتقوم بشئ اخر تافه اكثر بكثير .. و فى ذلك الوقت كنت ارى حالة اخرى و عندما ذهبت الى غرفة الاشعة فاجئنى فنى الاشعة بأن المريضة توقفت عن التنفس فجأة فهرع بها الى غرفة العناية المركزة

هرعت لغرفة العناية لاجد طبيب العناية ينظر الى المريضة بيأس و يبدو انه لم يحاول انعاشها لأنه اعتقد انها على تلك الحالة منذ وصولها الى المستشفى .. لأ و نعم المتابعة و الاهتمام و النظام اللى ميخرش الميه ..و عندما اخبرته انها كانت تتكلم قبل اقل من خمس دقائق بدأ يحاول انقاذها و لكن بالطبع ذهب الامل و ذهبت معه
لقد ماتت تلك السيدة التى كان انقاذها لا يتطلب اكثر من شكة كانيولا بين ضلوعها لتفريغ الهواء من الرئة لأنه يضغط على القلب ...ماتت لأن فى بلدنا الطريق للموت فى غاية السرعة .. و لأن فى المستشفيات الحكومية محدودة الامكانيات و الخبرات بين الحياة والموت شكة كانيولا

بعد مراجعتى لسجلات كل الحالات التى قد استقبلتها المستشفى فى ذلك الحادث اكتشفت ان كلهم كانوا من الممكن ان

يذهبوا لبيوتهم و يعودوا فى اليوم التالى لكى نفحص حالاتهم و انهم لم يكونوا حالات طارئة بالمرة .. و لكن الحالة الوحيدة التى كانت تتطلب الاهتمام هى الحالة الوحيدة التى لم يتم الاهتمام بها و هى الحالة الوحيدة التى قد توفت
ليس ذلك هو الغريب و المستفز فى الامر فما الجديد على تلك البلد و لكن الذى يثير الجنون هو ان المستشفى و مديرها قد حصلوا على شهادة تقدير لجهود المدير و العاملين فى استقبال الطوارئ و ادائهم المتميز فى معالجة الحالات ... و يبدو ان وزارة الصحة تتعامل على اساس الكم لا الكيف .. و كله بالميزان يا باشا

لا استطيع ان امنع نفسى من الشعور بالذنب تجاه تلك السيدة كلما فكرت فى ذلك اليوم و اشعر اننى كان من الممكن ان انقذ حياتها لو كان تشخيصى اسرع و لكن ما اشعر به اكثر من الذنب هو الحنق .. فقد شعرت فى ذلك اليوم ان كل من بالمستشفى هم ابطال فى تمثيلية هزلية يمثل بها الاطباء انهم يعالجون و يمثل كل مريض انه الاكثر مرضا و الاكثر حاجة للعلاج بشكل عاجل و بشكل اكثر اهتماما و يمثل مدير المستشفى انه قائد منظومة عظيمة من الانجازات و تمثل وزارة الصحة انها وزارة و ان بالبلد اصلا صحة